لقد كانت ولا تزال شخصية الرسول، صلي الله عليه وسلم، بحرا لا ينفد من الحكمة والعظمة والكمالات البشرية، ولذا فإن كل المنصفين من أعلام الفكر والأدب والعلم والفن والثقافة.
دائما ما يجدون في شخصيته الفريدة ما يبهرهم من أخلاقياته الفذة، وتصرفاته الحكيمة.
وتسابقت الأقلام من الشرق والغرب لفلاسفة ومفكرين ومستشرقين من جنسيات شتي، في بيان وجوه الإعجاز لهذه الشخصية الخالدة، وكشف دلائل أسرارها وأبعادها.
تلك الشهادات جمعها الكاتب الصحفي محمد إبراهيم، رئيس قسم الشئون الدينية الأسبق بجريدة الأهرام، ضمن كتابه الذي صدر تحت عنوان: الرسول العظيم بأقلام أعلام المستشرقين والمفكرين العرب وإستعرض المؤلف فيه آراء خمسين شخصية من أعلام المستشرقين والمفكرين العرب، حيث يبدأ بتعريف لكل منهم، مع بيان لإتجاهه الفكري، أو منهجه في دراسة السيرة النبوية، ثم عرض بعض آرائه.
وقد زخر الكتاب بأقوال الفلاسفة والمستشرقين الأجانب والكتاب والمفكرين العرب من أمثال: مايكل هارت مؤلف كتاب العظماء مائة وأعظمهم محمد، وليو تولستوي في حكم النبي محمد، والفونس لا مارتين حياة محمد، وجورج برناردشو، وتوماس كارليل، وكارين أرمسترونج، وعباس محمود العقاد، ومحمد حسين هيكل، ومصطفي محمود، وعبدالحليم محمود، ومتولي الشعراوي، وأبوالحسن الندوي.. وغيرهم.
واستشهد في البداية بما كتبه الفونس دي لامارتين حين قال عن رسول الله صلي الله عليه وسلم: إذا كانت عظمة المقصد، وضآلة العدة، وضخامة النتيجة هي مقاييس -عبقرية الإنسان الثلاثة، فمن يجرؤ أن يقارن- علي الصعيد الإنساني أي عظيم من عظماء التاريخ الحديث بمحمد؟ إذ إن أبعدهم في الشهرة لم يهز سوي أسلحة وقوانين وممالك، ولم يؤسس إن كان أسس شيئا سوي قوة مادية، غالبا ما إنهارت قبل أن ينهار هو.
أما محمد، فإنه قلقل جيوشا وتشريعات وزرع ممالك، وهز شعوبا وعروشا، بل إنه هز فوق ذلك معابد وآلهة وأديانا وأفكارا، ومعتقدات وأرواحا، وأقام علي أسس كتاب كل كلمة فيه تعد قانونا، إنتماء إلي أمة روحية تجمع شعوبا من مختلف اللغات والأجناس، وطبع في تلك الأمة بأحرف لا تمحي مقت الآلهة الزائفة، وعشق الله الواحد المجرد.
كما إستشهد الكاتب بما قاله جورج برناردشو: كنت في كل الأحيان، ومازلت أتناول دين محمد صلي الله عليه وسلم فأقدره تقديرا عظيما، وذلك لروحيته العجيبة، وحيويته العظيمة. إنه الدين الوحيد الذي يملك القدرة علي هداية الغير، وملاءمة الأزمنة، فهو حري أن يكون دين الجميع في كل دور وطور، ويجب علي العالم دون شك أن يقدر ويعلق أهمية عظمي علي ذلك.
إنني أعتقد أن رجلا مثله لو أخذ علي نفسه قيادة شعوب العالم الحاضرة، وكان حاكما مطلقا، لتمكن من أن يقود العالم أحسن القيادة، ولتمكن من تسيير العالم نحو طريق السعادة، وتوصيله إلي شاطئ العدل والسلام.
إن أوروبا الآن -كما يضيف برناردشو- بدأت تحس بحكمة محمد صلي الله عليه وسلم، وهي بادئة في عشق دينه وفلسفته، كما ستبرئ العقيدة الإسلامية مما إتهمت به من أراجيف رجال أوروبا في القرون الوسطي.. سيكون دين محمد هو النظام الذي يؤسس عليه العالم دعائم السلام والسعادة، ويستند علي فلسفته في حل المعضلات وفك المشاكل والعقد.
إن كثيرا من مواطني الأوروبيين يقدسون تعاليم محمد صلي الله عليه وسلم، ولذلك يمكنني أن أؤكد نبوءتي فأقول: إن بوادر العصر الإسلامي الأوروبي قريبة لا محالة.
الكاتب: مروي إبراهيم.
المصدر: جريدة الأهرام اليومي.